وقفه مع حديث (أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا)
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
وقفه مع حديث (أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا) |
علي بن عبدالعزيز الراجحي |
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم فقد ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ، فقال : ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات وأعملوا صالحاً إني بما تعملون عليم ) (سورة المؤمنون آية 51) وقال : ( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم وأشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون ) (آية 172 من سورة البقرة ). ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء ، يا رب ، يا رب ، ومطعمه حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام ، وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك ) (رواه مسلم في صحيحه ، كتاب الزكاة ، باب قبول الصدقة من الكسب الطيب وتربيتها 2/703 برقم ( 1015 ) ورواه الترمذي في أبواب تفسير القرآن سورة البقرة رقم ( 2989 ) وأنظر تحفة الأحوذي ( 8/266 ) . قوله لا يقبل إلا طيباً : المراد أن الله تعالى لا يقبل من الصدقات إلا ما كان طيباً حلالا . وقيل : لا يقبل من الأعمال إلا ما كان طيباً طاهراً من المفسدات كلها ، كالرياء والعجب ، ولا من الأموال إلا ما كان طيباً حلالاً ، فإن الطيب توصف به الأعمال والأقوال والاعتقادات ، وضد الطيب : الخبيث . إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين : المراد أن الرسل وأممهم مأمورون بالأكل من الطيبات التي هي الحلال والعمل الصالح . من أحكام الحديث : 1- الله سبحانه وتعالى طيب منزه عن النقائص والعيوب كلها ، فله سبحانه الأسماء الحسنى ، والصفات العلى . 2- الله تعالى طيب يحب من عباده أن يكونوا طيبين في أعمالهم وأقوالهم واعتقاداتهم ، قال تعالى : ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه). (سورة فاطر آية 10) ووصف تعالى رسوله الله بأنه يحل الطيبات ، قال تعالى : ( ويحل لهم الطيبات ) (سورة الأعراف آية 157) ، ووصف المؤمنين بالطيب ، قال تعالى : ( الذين تتوفاهم الملائكة طيبين ) (سورة النحل آية 32 ) ، فالمؤمن كله طيب : قلبه ، ولسانه ، وجسده ، بما يسكن في قلبه من الإيمان ، ويظهر على لسانه من الذكر ، وعلى جوارحه من الأعمال الصالحة ، قال صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة : ( سبحان الله ، إن المسلم لا ينجس )، (رواه البخاري في كتاب الغسل باب عرق الجنب وأن المسلم لا ينجس ( الفتح 1/390 ) رقم ( 283 ) ، ومسلم في كتاب الحيض ، باب الدليل على أن المسلم لا ينجس 1/82 رقم ( 371 ) . وبضد ذلك الكافر، قال تعالى (إنما المشركون نجس ) (سورة التوبة آية 28). 3- كما يحب الله من عباده أن يكونوا طيبين ، فلا يكونوا بخلاف الطيب وهو الخبيث سواء بأقوالهم أو أفعالهم أو اعتقاداتهم ، فالله تعالى وصف رسوله صلى الله عليه وسلم بأنه يحل الطيبات ، ويحرم الخبائث ، قال تعالى ( ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ) (سورة الأعراف آية 157). 4- مما يستنبط من الحديث الأمر في التعامل المالي بالحلال ، والحذر من التعامل بالحرام ، فالرسول صلى الله عليه وسلم نبه أن الله تعالى لا يقبل إلا طيباً ، وجعل صفة مشتركة بين الرسل والمؤمنين أنهم لا يأكلون إلا الطيبات من الرزق ، وبناء عليه فلا يقبل عطاء أو صدقة من كسب حرام وقد تضافرت نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية على الحث على الأكل والتعامل بالحلال ، والنهي عن ضده ، قال الله تعالى : ( يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً ) (سورة البقرة آية 168). ، وقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم)، (سورة النساء آية 29) . وقال سبحانه ( ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم ) (سورة البقرة آية 198) . وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ أمن الحلال أم من الحرام ) ( أخرجه البخاري ، كتاب البيوع ، باب من لم يبال من حيث كسب المال 4/296 رقم ( 2059 ) . وعن المقدام رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده ، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده) . (رواه البخاري ، كتاب البيوع ، باب كسب الرجل وعمله بيده 4/303 رقم ( 2072 ) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير من أن يسأل أحدا فيعطيه أو يمنعه ) (أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب الزكاة ، باب الاستعفاف عن المسألة 3/335 برقم ( 1471 ) ، وأخرجه مسلم في صحيحه ، كتاب الزكاة ، باب كراهة المسألة 2/721 برقم ( 1042 ) . 5- بين الرسول صلى الله عليه وسلم أنه لا يقبل عند الله المال إلا إذا كان طيباً ، فالصدقة من المال الحرام غير مقبولة ، روى مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لا يقبل الله صلاة بغير طهور ، ولا صدقة من غلول)(رواه مسلم في صحيحه ، كتاب الطهارة ، باب وجوب الطهارة للصلاة 1/204 برقم ( 224 ) . ، وفي الصحيحين مرفوعاً: (ما تصدق عبد بصدقة من مال طيب ولا يقبل الله إلا الطيب إلا أخذها الرحمن بيمينه ). (أخرجه البخاري في صحيحه ، كتاب الزكاة ، باب الصدقة من كسب طيب 3/278 برقم ( 1410 ) ، وأخرجه مسلم في صحيحه ، كتاب الزكاة ، باب قبول الصدقة في الكسب الطيب 2/702 برقم ( 1014 ) 6- التعامل بالمال الحرام أكلاً ولباساً وتغذية مانع لإجابة دعاء الداعي مهما توفرت أسباب الإجابة من السفر ، والتبذل ، ورفع الأيدي ، والإلحاح ، وغيرها . قال بعض السلف : (لا تستبطئ الإجابة وقد سددت طرقها بالمعاصي) . 7- من أعظم ما يتقرب به إلى الله تعالى ويستعان به على تحقيق المطالب الدنيوية والأخروية الدعاء ، وإذا حرم المسلم إجابة دعائه حرم خيراً كثيراً في الدنيا والآخرة . 8- ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بعض آداب الدعاء ، والتي هي من أسباب الإجابة ، وهي : أ- إطالة السفر ، والسفر بمجرده يقتضي إجابة الدعاء ، روى أبو داود وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن : دعوة المظلوم ، ودعوة المسافر ، ودعوة الوالد لولده ) (أخرجه أبو داود ، كتاب الصلاة ، باب الدعاء بظهر الغيب 1/480 ، برقم ( 1536 ) ، و الترمذي ، كتاب البر والصلة ، باب ما جاء في دعوة الوالدين 4/277 برقم ( 1905 ) .. ومتى طال السفر كان أقرب إلى إجابة الدعاء ؛ لأنه مظنة حصول انكسار النفس بطول الغربة عن الأوطان، وتحمل المشاق . ب- رفع الأيدي في الدعاء ، أخرج الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما ، عن سلمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تعالى حيي كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين) (أخرجه أبو داود ، كتاب الصلاة ، باب الدعاء 1/468 برقم ( 1488 ) ، وأخرجه الترمذي ، كتاب الدعوات ، باب 105 ، في 5/520 برقم ( 3556 ) ج- الإلحاح على الله عز وجل بذكر ربوبيته ، بقول ( يا رب ، يا رب)، وهو من أعظم ما يطلب به إجابة الدعاء . ومسك الختام الله أسال للجميع العلم النافع والعمل الصالح |
مواضيع مماثلة
» حديث: يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة
» عن أنس ـ رضي الله عنه قال: نزلت (يا أيها الناس اتقوا ربكم)
» علوم القرآن أسباب النزول قوله تعالى : ( ياأيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ) .
» حصريا حديث "لا يشكر الله من لا يشكر الناس" لفظه وتخريجه ومعناه
» المقصود بالغرغرة قال صلى الله عليه وسلم: إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر. رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد.
» عن أنس ـ رضي الله عنه قال: نزلت (يا أيها الناس اتقوا ربكم)
» علوم القرآن أسباب النزول قوله تعالى : ( ياأيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ) .
» حصريا حديث "لا يشكر الله من لا يشكر الناس" لفظه وتخريجه ومعناه
» المقصود بالغرغرة قال صلى الله عليه وسلم: إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر. رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد.
للمشاركة انت بحاجة لتسجيل الدخول
اذا كنت لا تملك حساب على موقعنا فيمكنك انشاء حساب
صفحة 1 من اصل 1
تعليمات المشاركة فى هذا القسم:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى