شرح العقيدة الطحاوية مسألة: الجزء الأول وأما ما يخبر به الرسول من الأمور الغائبة ، فقد يكون مما أدركوا [ ص: 67 ] نظيره بحسهم وعقلهم ، كإخبارهم بأن الريح قد أهلكت عادا ، فإن عادا من جنسهم والريح من جنس ريحهم ،
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
شرح العقيدة الطحاوية مسألة: الجزء الأول وأما ما يخبر به الرسول من الأمور الغائبة ، فقد يكون مما أدركوا [ ص: 67 ] نظيره بحسهم وعقلهم ، كإخبارهم بأن الريح قد أهلكت عادا ، فإن عادا من جنسهم والريح من جنس ريحهم ،
#2489مسألة: الجزء الأول
وأما ما يخبر به الرسول من الأمور الغائبة ، فقد يكون مما أدركوا [ ص: 67 ] نظيره بحسهم وعقلهم ، كإخبارهم بأن الريح قد أهلكت عادا ، فإن عادا من جنسهم والريح من جنس ريحهم ، وإن كانت أشد . وكذلك غرق فرعون في البحر ، وكذا بقية الأخبار عن الأمم الماضية . ولهذا كان الإخبار بذلك فيه عبرة لنا ، كما قال تعالى : لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ( يوسف : 111 ) . وقد يكون الذي يخبر به الرسول ما لم يدركوا مثله الموافق له في الحقيقة من كل وجه لكن في مفرداته ما يشبه مفرداتهم من بعض الوجوه . كما إذا أخبرهم عن الأمور الغيبية المتعلقة بالله واليوم الآخر ، فلا بد أن يعلموا معنى مشتركا وشبها بين مفردات تلك الألفاظ وبين مفردات ما علموه في الدنيا بحسهم وعقلهم . فإذا كان ذلك المعنى الذي في الدنيا لم يشهدوه بعد ، ويريد أن يجعلهم يشهدونه مشاهدة كامله ليفهموا به القدر المشترك بينه وبين المعنى الغائب ، أشهدهم إياه ، وأشار لهم إليه ، وفعل قولا يكون حكاية له وشبها به ، يعلم المستمعون أن معرفتهم بالحقائق المشهودة هي الطريق التي يعرفون بها الأمور الغائبة .
فينبغي أن تعرف هذه الدرجات :
أولها : إدراك الإنسان المعاني الحسية المشاهدة .
وثانيها : عقله لمعانيها الكلية .
وثالثها : تعريف الألفاظ الدالة على تلك المعاني الحسية والعقلية . فهذه المراتب الثلاث لا بد منها في كل خطاب . فإذا أخبرنا عن الأمور الغائبة فلا بد من تعريفنا المعاني المشتركة بينها وبين الحقائق [ ص: 68 ] المشهودة والاشتباه الذي بينهما ، وذلك بتعريفنا الأمور المشهودة . ثم إن كانت مثلها لم يحتج إلى ذكر الفارق ، كما تقدم في قصص الأمم ، وإن لم يكن مثلها ، بين ذلك بذكر الفارق ، بأن يقال : ليس ذلك مثل هذا ، ونحو ذلك . وإذا تقرر انتفاء المماثلة كانت الإضافة وحدها كافية في بيان الفارق ، وانتفاء التساوي لا يمنع منه وجود القدر المشترك الذي هو مدلول اللفظ المشترك ، وبه صرنا نفهم الأمور الغائبة ولولا المعنى المشترك ما أمكن ذلك قط .
وأما ما يخبر به الرسول من الأمور الغائبة ، فقد يكون مما أدركوا [ ص: 67 ] نظيره بحسهم وعقلهم ، كإخبارهم بأن الريح قد أهلكت عادا ، فإن عادا من جنسهم والريح من جنس ريحهم ، وإن كانت أشد . وكذلك غرق فرعون في البحر ، وكذا بقية الأخبار عن الأمم الماضية . ولهذا كان الإخبار بذلك فيه عبرة لنا ، كما قال تعالى : لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ( يوسف : 111 ) . وقد يكون الذي يخبر به الرسول ما لم يدركوا مثله الموافق له في الحقيقة من كل وجه لكن في مفرداته ما يشبه مفرداتهم من بعض الوجوه . كما إذا أخبرهم عن الأمور الغيبية المتعلقة بالله واليوم الآخر ، فلا بد أن يعلموا معنى مشتركا وشبها بين مفردات تلك الألفاظ وبين مفردات ما علموه في الدنيا بحسهم وعقلهم . فإذا كان ذلك المعنى الذي في الدنيا لم يشهدوه بعد ، ويريد أن يجعلهم يشهدونه مشاهدة كامله ليفهموا به القدر المشترك بينه وبين المعنى الغائب ، أشهدهم إياه ، وأشار لهم إليه ، وفعل قولا يكون حكاية له وشبها به ، يعلم المستمعون أن معرفتهم بالحقائق المشهودة هي الطريق التي يعرفون بها الأمور الغائبة .
فينبغي أن تعرف هذه الدرجات :
أولها : إدراك الإنسان المعاني الحسية المشاهدة .
وثانيها : عقله لمعانيها الكلية .
وثالثها : تعريف الألفاظ الدالة على تلك المعاني الحسية والعقلية . فهذه المراتب الثلاث لا بد منها في كل خطاب . فإذا أخبرنا عن الأمور الغائبة فلا بد من تعريفنا المعاني المشتركة بينها وبين الحقائق [ ص: 68 ] المشهودة والاشتباه الذي بينهما ، وذلك بتعريفنا الأمور المشهودة . ثم إن كانت مثلها لم يحتج إلى ذكر الفارق ، كما تقدم في قصص الأمم ، وإن لم يكن مثلها ، بين ذلك بذكر الفارق ، بأن يقال : ليس ذلك مثل هذا ، ونحو ذلك . وإذا تقرر انتفاء المماثلة كانت الإضافة وحدها كافية في بيان الفارق ، وانتفاء التساوي لا يمنع منه وجود القدر المشترك الذي هو مدلول اللفظ المشترك ، وبه صرنا نفهم الأمور الغائبة ولولا المعنى المشترك ما أمكن ذلك قط .
مواضيع مماثلة
» شرح العقيدة الطحاوية مسألة: الجزء الأول وتوحيد الإلهية متضمن لتوحيد الربوبية دون العكس . فمن لا يقدر على أن يخلق يكون عاجزا ، والعاجز لا يصلح أن يكون إلها .
» شرح العقيدة الطحاوية مسألة: الجزء الأول قوله : ( ولا يكون إلا ما يريد )
» شرح العقيدة الطحاوية مسألة: الجزء الأول وأصل هذا الكلام من الجهمية ، فإنهم قالوا : إن دوام الحوادث ممتنع ، وإنه يجب أن يكون للحوادث مبدأ ، لامتناع حوادث لا أول لها ، فيمتنع أن يكون الباري عز وجل لم يزل فاعلا متكلما بمشي
» شرح العقيدة الطحاوية مسألة: الجزء الأول وهذا الذي أخبر به صلى الله عليه وسلم هو الذي تشهد الأدلة العقلية بصدقه . منها ، أن يقال : لا ريب أن الإنسان قد يحصل له من الاعتقادات والإرادات ما يكون حقا ، وتارة ما يكون باطلا ،
» شرح العقيدة الطحاوية مسألة: الجزء الأول وأما الثاني : وهو توحيد الربوبية ، كالإقرار بأنه خالق كل شيء ، وأنه ليس للعالم صانعان متكافئان في الصفات والأفعال ، وهذا التوحيد حق لا ريب فيه ،
» شرح العقيدة الطحاوية مسألة: الجزء الأول قوله : ( ولا يكون إلا ما يريد )
» شرح العقيدة الطحاوية مسألة: الجزء الأول وأصل هذا الكلام من الجهمية ، فإنهم قالوا : إن دوام الحوادث ممتنع ، وإنه يجب أن يكون للحوادث مبدأ ، لامتناع حوادث لا أول لها ، فيمتنع أن يكون الباري عز وجل لم يزل فاعلا متكلما بمشي
» شرح العقيدة الطحاوية مسألة: الجزء الأول وهذا الذي أخبر به صلى الله عليه وسلم هو الذي تشهد الأدلة العقلية بصدقه . منها ، أن يقال : لا ريب أن الإنسان قد يحصل له من الاعتقادات والإرادات ما يكون حقا ، وتارة ما يكون باطلا ،
» شرح العقيدة الطحاوية مسألة: الجزء الأول وأما الثاني : وهو توحيد الربوبية ، كالإقرار بأنه خالق كل شيء ، وأنه ليس للعالم صانعان متكافئان في الصفات والأفعال ، وهذا التوحيد حق لا ريب فيه ،
للمشاركة انت بحاجة لتسجيل الدخول
اذا كنت لا تملك حساب على موقعنا فيمكنك انشاء حساب
صفحة 1 من اصل 1
تعليمات المشاركة فى هذا القسم:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى