شرح العقيدة الطحاوية مسألة: الجزء الأول واعلم أن المخاطب لا يفهم المعاني المعبر عنها باللفظ إلا أن يعرف عينها أو ما يناسب عينها ، ويكون بينها قدر مشترك ومشابهة في أصل المعنى ، وإلا فلا يمكن تفهيم المخاطبين بدون هذا قط
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
شرح العقيدة الطحاوية مسألة: الجزء الأول واعلم أن المخاطب لا يفهم المعاني المعبر عنها باللفظ إلا أن يعرف عينها أو ما يناسب عينها ، ويكون بينها قدر مشترك ومشابهة في أصل المعنى ، وإلا فلا يمكن تفهيم المخاطبين بدون هذا قط
#2484مسألة: الجزء الأول
واعلم أن المخاطب لا يفهم المعاني المعبر عنها باللفظ إلا أن يعرف عينها أو ما يناسب عينها ، ويكون بينها قدر مشترك ومشابهة في أصل المعنى ، وإلا فلا يمكن تفهيم المخاطبين بدون هذا قط ، حتى في أول تعليم معاني الكلام بتعليم معاني الألفاظ المفردة ، مثل تربية الصبي الذي يعلم البيان واللغة ، ينطق له باللفظ المفرد ويشار له إلى معناه إن كان مشهودا بالإحساس الظاهر أو الباطن ، فيقال له : لبن ، خبز ، أم ، أب ، سماء ، أرض ، شمس ، قمر ، ماء ، ويشار له مع العبارة إلى كل مسمى من هذه المسميات ، وإلا لم يفهم معنى اللفظ ومراد الناطق به ، وليس أحد من بني آدم يستغني عن التعليم السمعي ، كيف وآدم أبو البشر وأول ما علمه الله تعالى أصول الأدلة السمعية وهي الأسماء كلها ، وكلمه وعلمه بخطاب الوحي ما لم يعلمه بمجرد العقل .
[ ص: 65 ] فدلالة اللفظ على المعنى هي بواسطة دلالته على ما عناه المتكلم وأراده ، وإرادته وعنايته في قلبه ، فلا يعرف باللفظ ابتداء ، ولكن لا يعرف المعنى بغير اللفظ حتى يعلم أولا أن هذا المعنى المراد هو الذي يراد بذلك اللفظ ويعنى به ، فإذا عرف ذلك ثم سمع اللفظ مرة ثانية ، عرف المعنى المراد بلا إشارة إليه . وإن كانت الإشارة إلى ما يحس بالباطن ، مثل الجوع والشبع والري والعطش والحزن والفرح ، فإنه لا يعرف اسم ذلك حتى يجده من نفسه ، فإذا وجده أشير له إليه ، وعرف أن اسمه كذا .
والإشارة تارة تكون إلى جوع نفسه أو عطش نفسه ، مثل أن يراه أنه قد جاع فيقول له : جعت ، أنت جائع ، فيسمع اللفظ ويعلم ما عينه بالإشارة أو ما يجري مجراها من القرائن التي تعين المراد ، مثل نظر أمه إليه في حال جوعه وإدراكه بنظرها أو نحوه أنها تعني جوعه ، أو يسمعهم يعبرون بذلك عن جوع غيره .
إذا عرف ذلك فالمخاطب المتكلم إذا أراد بيان معان ، فلا يخلو إما أن يكون مما أدركها المخاطب المستمع بإحساسه وشهوده ، أو بمعقوله ، وإما أن لا يكون كذلك . فإن كانت من القسمين الأولين لم يحتج إلا إلى معرفة اللغة ، بأن يكون قد عرف معاني الألفاظ المفردة ومعنى التركيب ، فإذا قيل له بعد ذلك : ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين ( البلد : 8 - 9 ) ، أو قيل له : والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ( النحل : 78 ) . [ ص: 66 ] ونحو ذلك ، فهم المخاطب بما أدركه بحسه ، وإن كانت المعاني التي يراد تعريفه بها ليست مما أحسه وشهده بعينه ، ولا بحيث صار له معقول كلي يتناولها حتى يفهم به المراد بتلك الألفاظ ، بل هي مما لا يدركه بشيء من حواسه الباطنة والظاهرة ، فلا بد في تعريفه من طريق القياس والتمثيل والاعتبار بما بينه وبين معقولات الأمور التي شاهدها من التشابه والتناسب ، وكلما كان التمثيل أقوى ، كان البيان أحسن ، والفهم أكمل .
فالرسول صلوات الله وسلامه عليه لما بين لنا أمورا لم تكن معروفة قبل ذلك ، وليس في لغتهم لفظ يدل عليها بعينها ، أتى بألفاظ تناسب معانيها تلك المعاني ، وجعلها أسماء لها ، فيكون بينها قدر مشترك ، كالصلاة ، والزكاة ، والصوم ، والإيمان ، والكفر . وكذلك لما أخبرنا بأمور تتعلق بالإيمان بالله وباليوم الآخر ، وهم لم يكونوا يعرفونها قبل ذلك حتى يكون لهم ألفاظ تدل عليها بعينها ، أخذ من اللغة الألفاظ المناسبة لتلك بما تدل عليه من القدر المشترك بين تلك المعاني الغيبية ، والمعاني الشهودية التي كانوا يعرفونها ، وقرن بذلك من الإشارة ونحوها ما يعلم به حقيقة المراد ، كتعليم الصبي ، كما قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن : الناس في حجور علمائهم كالصبيان في حجور آبائهم .
واعلم أن المخاطب لا يفهم المعاني المعبر عنها باللفظ إلا أن يعرف عينها أو ما يناسب عينها ، ويكون بينها قدر مشترك ومشابهة في أصل المعنى ، وإلا فلا يمكن تفهيم المخاطبين بدون هذا قط ، حتى في أول تعليم معاني الكلام بتعليم معاني الألفاظ المفردة ، مثل تربية الصبي الذي يعلم البيان واللغة ، ينطق له باللفظ المفرد ويشار له إلى معناه إن كان مشهودا بالإحساس الظاهر أو الباطن ، فيقال له : لبن ، خبز ، أم ، أب ، سماء ، أرض ، شمس ، قمر ، ماء ، ويشار له مع العبارة إلى كل مسمى من هذه المسميات ، وإلا لم يفهم معنى اللفظ ومراد الناطق به ، وليس أحد من بني آدم يستغني عن التعليم السمعي ، كيف وآدم أبو البشر وأول ما علمه الله تعالى أصول الأدلة السمعية وهي الأسماء كلها ، وكلمه وعلمه بخطاب الوحي ما لم يعلمه بمجرد العقل .
[ ص: 65 ] فدلالة اللفظ على المعنى هي بواسطة دلالته على ما عناه المتكلم وأراده ، وإرادته وعنايته في قلبه ، فلا يعرف باللفظ ابتداء ، ولكن لا يعرف المعنى بغير اللفظ حتى يعلم أولا أن هذا المعنى المراد هو الذي يراد بذلك اللفظ ويعنى به ، فإذا عرف ذلك ثم سمع اللفظ مرة ثانية ، عرف المعنى المراد بلا إشارة إليه . وإن كانت الإشارة إلى ما يحس بالباطن ، مثل الجوع والشبع والري والعطش والحزن والفرح ، فإنه لا يعرف اسم ذلك حتى يجده من نفسه ، فإذا وجده أشير له إليه ، وعرف أن اسمه كذا .
والإشارة تارة تكون إلى جوع نفسه أو عطش نفسه ، مثل أن يراه أنه قد جاع فيقول له : جعت ، أنت جائع ، فيسمع اللفظ ويعلم ما عينه بالإشارة أو ما يجري مجراها من القرائن التي تعين المراد ، مثل نظر أمه إليه في حال جوعه وإدراكه بنظرها أو نحوه أنها تعني جوعه ، أو يسمعهم يعبرون بذلك عن جوع غيره .
إذا عرف ذلك فالمخاطب المتكلم إذا أراد بيان معان ، فلا يخلو إما أن يكون مما أدركها المخاطب المستمع بإحساسه وشهوده ، أو بمعقوله ، وإما أن لا يكون كذلك . فإن كانت من القسمين الأولين لم يحتج إلا إلى معرفة اللغة ، بأن يكون قد عرف معاني الألفاظ المفردة ومعنى التركيب ، فإذا قيل له بعد ذلك : ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين ( البلد : 8 - 9 ) ، أو قيل له : والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ( النحل : 78 ) . [ ص: 66 ] ونحو ذلك ، فهم المخاطب بما أدركه بحسه ، وإن كانت المعاني التي يراد تعريفه بها ليست مما أحسه وشهده بعينه ، ولا بحيث صار له معقول كلي يتناولها حتى يفهم به المراد بتلك الألفاظ ، بل هي مما لا يدركه بشيء من حواسه الباطنة والظاهرة ، فلا بد في تعريفه من طريق القياس والتمثيل والاعتبار بما بينه وبين معقولات الأمور التي شاهدها من التشابه والتناسب ، وكلما كان التمثيل أقوى ، كان البيان أحسن ، والفهم أكمل .
فالرسول صلوات الله وسلامه عليه لما بين لنا أمورا لم تكن معروفة قبل ذلك ، وليس في لغتهم لفظ يدل عليها بعينها ، أتى بألفاظ تناسب معانيها تلك المعاني ، وجعلها أسماء لها ، فيكون بينها قدر مشترك ، كالصلاة ، والزكاة ، والصوم ، والإيمان ، والكفر . وكذلك لما أخبرنا بأمور تتعلق بالإيمان بالله وباليوم الآخر ، وهم لم يكونوا يعرفونها قبل ذلك حتى يكون لهم ألفاظ تدل عليها بعينها ، أخذ من اللغة الألفاظ المناسبة لتلك بما تدل عليه من القدر المشترك بين تلك المعاني الغيبية ، والمعاني الشهودية التي كانوا يعرفونها ، وقرن بذلك من الإشارة ونحوها ما يعلم به حقيقة المراد ، كتعليم الصبي ، كما قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن : الناس في حجور علمائهم كالصبيان في حجور آبائهم .
مواضيع مماثلة
» شرح العقيدة الطحاوية مسألة: الجزء الأول وينبغي أن يعرف أن عامة من ضل في هذا الباب أو عجز فيه [ ص: 9 ] عن معرفة الحق ، فإنما هو لتفريطه في اتباع ما جاء به الرسول ، وترك النظر والاستدلال
» شرح العقيدة الطحاوية مسألة: الجزء الأول وينبغي أن يعرف أن عامة من ضل في هذا الباب أو عجز فيه [ ص: 9 ] عن معرفة الحق ، فإنما هو لتفريطه في اتباع ما جاء به الرسول ، وترك النظر والاستدلال الموصل إلى معرفته
» شرح العقيدة الطحاوية مسألة: الجزء الأول فعلم أن الذات لا يتصور انفصال الصفات عنها بوجه من الوجوه ، وإن كان الذهن قد يفرض ذاتا مجردة عن الصفات
» شرح العقيدة الطحاوية مسألة: الجزء الأول فالحاصل : أن نوع الحوادث هل يمكن دوامها في المستقبل والماضي أم لا ؟ أو في المستقبل فقط ؟ أو الماضي فقط ؟ فيه ثلاثة أقوال معروفة لأهل النظر من المسلمين وغيرهم :
» شرح العقيدة الطحاوية مسألة: الجزء الأول وعبارات السلف في ( شهد ) - تدور على الحكم ، والقضاء ، والإعلام ، والبيان ، والإخبار . وهذه الأقوال كلها حق لا تنافي بينها : فإن الشهادة تتضمن كلام الشاهد وخبره ، وتتضمن إعلامه وإخب
» شرح العقيدة الطحاوية مسألة: الجزء الأول وينبغي أن يعرف أن عامة من ضل في هذا الباب أو عجز فيه [ ص: 9 ] عن معرفة الحق ، فإنما هو لتفريطه في اتباع ما جاء به الرسول ، وترك النظر والاستدلال الموصل إلى معرفته
» شرح العقيدة الطحاوية مسألة: الجزء الأول فعلم أن الذات لا يتصور انفصال الصفات عنها بوجه من الوجوه ، وإن كان الذهن قد يفرض ذاتا مجردة عن الصفات
» شرح العقيدة الطحاوية مسألة: الجزء الأول فالحاصل : أن نوع الحوادث هل يمكن دوامها في المستقبل والماضي أم لا ؟ أو في المستقبل فقط ؟ أو الماضي فقط ؟ فيه ثلاثة أقوال معروفة لأهل النظر من المسلمين وغيرهم :
» شرح العقيدة الطحاوية مسألة: الجزء الأول وعبارات السلف في ( شهد ) - تدور على الحكم ، والقضاء ، والإعلام ، والبيان ، والإخبار . وهذه الأقوال كلها حق لا تنافي بينها : فإن الشهادة تتضمن كلام الشاهد وخبره ، وتتضمن إعلامه وإخب
للمشاركة انت بحاجة لتسجيل الدخول
اذا كنت لا تملك حساب على موقعنا فيمكنك انشاء حساب
صفحة 1 من اصل 1
تعليمات المشاركة فى هذا القسم:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى