شرح العقيدة الطحاوية مسألة: الجزء الأول وأصل هذا الكلام من الجهمية ، فإنهم قالوا : إن دوام الحوادث ممتنع ، وإنه يجب أن يكون للحوادث مبدأ ، لامتناع حوادث لا أول لها ، فيمتنع أن يكون الباري عز وجل لم يزل فاعلا متكلما بمشي
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
شرح العقيدة الطحاوية مسألة: الجزء الأول وأصل هذا الكلام من الجهمية ، فإنهم قالوا : إن دوام الحوادث ممتنع ، وإنه يجب أن يكون للحوادث مبدأ ، لامتناع حوادث لا أول لها ، فيمتنع أن يكون الباري عز وجل لم يزل فاعلا متكلما بمشي
#2566مسألة: الجزء الأول
وأصل هذا الكلام من الجهمية ، فإنهم قالوا : إن دوام الحوادث ممتنع ، وإنه يجب أن يكون للحوادث مبدأ ، لامتناع حوادث لا أول لها ، فيمتنع أن يكون الباري عز وجل لم يزل فاعلا متكلما بمشيئته ، بل يمتنع أن يكون قادرا على ذلك ، لأن القدرة على الممتنع ممتنعة ! وهذا فاسد ، فإنه يدل على امتناع حدوث العالم وهو حادث ، والحادث إذا حدث بعد أن لم يكن محدثا فلا بد أن يكون ممكنا ، والإمكان ليس له وقت محدود ، وما من وقت يقدر إلا والإمكان ثابت فيه ، وليس لإمكان الفعل وجوازه وصحته مبدأ ينتهي إليه ، فيجب أنه لم يزل الفعل ممكنا جائزا صحيحا ، فيلزم أنه لم يزل الرب قادرا عليه ، [ ص: 104 ] فيلزم جواز حوادث لا نهاية لأولها .
قالت الجهمية ومن وافقهم : نحن لا نسلم أن إمكان الحوادث لا بداية له ، لكن نقول ، إمكان الحوادث بشرط كونها مسبوقة بالعدم لا بداية له ، وذلك لأن الحوادث عندنا تمتنع أن تكون قديمة النوع ، بل يجب حدوث نوعها ويمتنع قدم نوعها ، لكن لا يجب الحدوث في وقت بعينه ، فإمكان الحوادث بشرط كونها مسبوقة بالعدم لا أول له ، بخلاف جنس الحوادث .
فيقال لهم : هب أنكم تقولون ذلك ، لكن يقال : إمكان جنس الحوادث عندكم له بداية ، فإنه صار جنس الحدوث عندكم ممكنا بعد أن لم يكن ممكنا ، وليس لهذا الإمكان وقت معين ، بل ما من وقت يفرض إلا والإمكان ثابت قبله ، فيلزم دوام الإمكان ، وإلا لزم انقلاب الجنس من الامتناع إلى الإمكان من غير حدوث شيء . ومعلوم أن انقلاب حقيقة جنس الحدوث أو جنس الحوادث ، أو جنس الفعل ، أو جنس الأحداث ، أو ما أشبه هذا من العبارات - من الامتناع إلى الإمكان ، هو يصير ذلك ممكنا جائزا بعد أن كان ممتنعا من غير سبب تجدد ، وهذا ممتنع في صريح العقل .
وهو أيضا انقلاب الجنس من الامتناع الذاتي إلى الإمكان الذاتي ، فإن ذات جنس الحوادث عندهم تصير ممكنة بعد أن كانت ممتنعة ، وهذا الانقلاب لا يختص بوقت معين ، فإنه ما من وقت يقدر إلا [ ص: 105 ] والإمكان ثابت قبله ، فيلزم أنه لم يزل هذا الانقلاب ممكنا ، فيلزم أنه لم يزل الممتنع ممكنا ! وهذا أبلغ في الامتناع من قولنا : لم يزل الحادث ممكنا ، فقد لزمهم فيما فروا إليه أبلغ مما لزمهم فيما فروا منه ! فإنه يعقل كون الحادث ممكنا ، ويعقل أن هذا الإمكان لم يزل ، وأما كون الممتنع ممكنا فهو ممتنع في نفسه ، فكيف إذا قيل : لم يزل إمكان هذا الممتنع ؟ ! وهذا مبسوط في موضعه .
وأصل هذا الكلام من الجهمية ، فإنهم قالوا : إن دوام الحوادث ممتنع ، وإنه يجب أن يكون للحوادث مبدأ ، لامتناع حوادث لا أول لها ، فيمتنع أن يكون الباري عز وجل لم يزل فاعلا متكلما بمشيئته ، بل يمتنع أن يكون قادرا على ذلك ، لأن القدرة على الممتنع ممتنعة ! وهذا فاسد ، فإنه يدل على امتناع حدوث العالم وهو حادث ، والحادث إذا حدث بعد أن لم يكن محدثا فلا بد أن يكون ممكنا ، والإمكان ليس له وقت محدود ، وما من وقت يقدر إلا والإمكان ثابت فيه ، وليس لإمكان الفعل وجوازه وصحته مبدأ ينتهي إليه ، فيجب أنه لم يزل الفعل ممكنا جائزا صحيحا ، فيلزم أنه لم يزل الرب قادرا عليه ، [ ص: 104 ] فيلزم جواز حوادث لا نهاية لأولها .
قالت الجهمية ومن وافقهم : نحن لا نسلم أن إمكان الحوادث لا بداية له ، لكن نقول ، إمكان الحوادث بشرط كونها مسبوقة بالعدم لا بداية له ، وذلك لأن الحوادث عندنا تمتنع أن تكون قديمة النوع ، بل يجب حدوث نوعها ويمتنع قدم نوعها ، لكن لا يجب الحدوث في وقت بعينه ، فإمكان الحوادث بشرط كونها مسبوقة بالعدم لا أول له ، بخلاف جنس الحوادث .
فيقال لهم : هب أنكم تقولون ذلك ، لكن يقال : إمكان جنس الحوادث عندكم له بداية ، فإنه صار جنس الحدوث عندكم ممكنا بعد أن لم يكن ممكنا ، وليس لهذا الإمكان وقت معين ، بل ما من وقت يفرض إلا والإمكان ثابت قبله ، فيلزم دوام الإمكان ، وإلا لزم انقلاب الجنس من الامتناع إلى الإمكان من غير حدوث شيء . ومعلوم أن انقلاب حقيقة جنس الحدوث أو جنس الحوادث ، أو جنس الفعل ، أو جنس الأحداث ، أو ما أشبه هذا من العبارات - من الامتناع إلى الإمكان ، هو يصير ذلك ممكنا جائزا بعد أن كان ممتنعا من غير سبب تجدد ، وهذا ممتنع في صريح العقل .
وهو أيضا انقلاب الجنس من الامتناع الذاتي إلى الإمكان الذاتي ، فإن ذات جنس الحوادث عندهم تصير ممكنة بعد أن كانت ممتنعة ، وهذا الانقلاب لا يختص بوقت معين ، فإنه ما من وقت يقدر إلا [ ص: 105 ] والإمكان ثابت قبله ، فيلزم أنه لم يزل هذا الانقلاب ممكنا ، فيلزم أنه لم يزل الممتنع ممكنا ! وهذا أبلغ في الامتناع من قولنا : لم يزل الحادث ممكنا ، فقد لزمهم فيما فروا إليه أبلغ مما لزمهم فيما فروا منه ! فإنه يعقل كون الحادث ممكنا ، ويعقل أن هذا الإمكان لم يزل ، وأما كون الممتنع ممكنا فهو ممتنع في نفسه ، فكيف إذا قيل : لم يزل إمكان هذا الممتنع ؟ ! وهذا مبسوط في موضعه .
مواضيع مماثلة
» شرح العقيدة الطحاوية مسألة: الجزء الأول أما الأول : فإن نفاة الصفات أدخلوا نفي الصفات في مسمى التوحيد ، كالجهم بن صفوان ومن وافقه ، فإنهم قالوا : إثبات [ ص: 25 ] الصفات يستلزم تعدد
» شرح العقيدة الطحاوية مسألة: الجزء الأول وحلول الحوادث بالرب تعالى ، المنفي في علم الكلام المذموم ، لم يرد نفيه ولا إثباته في كتاب ولا سنة ، وفيه إجمال : فإن أريد بالنفي أنه سبحانه لا يحل في ذاته المقدسة شيء من مخلوقاته
» شرح العقيدة الطحاوية مسألة: الجزء الأول ولهذا يأتي الإثبات للصفات في كتاب الله مفصلا ، والنفي مجملا ، عكس طريقة أهل الكلام المذموم : فإنهم يأتون بالنفي المفصل والإثبات المجمل ، يقولون : ليس بجسم ، ولا شبح ، ولا جثة ، ولا
» شرح العقيدة الطحاوية مسألة: الجزء الأول وتوحيد الإلهية متضمن لتوحيد الربوبية دون العكس . فمن لا يقدر على أن يخلق يكون عاجزا ، والعاجز لا يصلح أن يكون إلها .
» شرح العقيدة الطحاوية مسألة: الجزء الأول قوله : ( ولا يكون إلا ما يريد )
» شرح العقيدة الطحاوية مسألة: الجزء الأول وحلول الحوادث بالرب تعالى ، المنفي في علم الكلام المذموم ، لم يرد نفيه ولا إثباته في كتاب ولا سنة ، وفيه إجمال : فإن أريد بالنفي أنه سبحانه لا يحل في ذاته المقدسة شيء من مخلوقاته
» شرح العقيدة الطحاوية مسألة: الجزء الأول ولهذا يأتي الإثبات للصفات في كتاب الله مفصلا ، والنفي مجملا ، عكس طريقة أهل الكلام المذموم : فإنهم يأتون بالنفي المفصل والإثبات المجمل ، يقولون : ليس بجسم ، ولا شبح ، ولا جثة ، ولا
» شرح العقيدة الطحاوية مسألة: الجزء الأول وتوحيد الإلهية متضمن لتوحيد الربوبية دون العكس . فمن لا يقدر على أن يخلق يكون عاجزا ، والعاجز لا يصلح أن يكون إلها .
» شرح العقيدة الطحاوية مسألة: الجزء الأول قوله : ( ولا يكون إلا ما يريد )
للمشاركة انت بحاجة لتسجيل الدخول
اذا كنت لا تملك حساب على موقعنا فيمكنك انشاء حساب
صفحة 1 من اصل 1
تعليمات المشاركة فى هذا القسم:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى